كتب المقال: ماجد مفرج المطيري
تشخيص بؤر الفساد وتحديد أسبابه هما الهم الشاغل للعديد من الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف وضع الخطط والبرامج المناسبة لمكافحته أو الوقاية منه في قطاعات الدولة المختلفة، وانسجاماً مع ذلك وضعت منظمة الشفافية الدولية (TI) عام 2001 م نموذجا لقياس مدى قدرة الدولة على مكافحة الفساد عبر تقييم نظام النزاهة الوطني فيها، واعتماده أداةً عملية لتقويم منظومة مكافحة الفساد وذلك عبر تحديد نقاط القوة والضعف في النظام المؤسسي للدولة من الناحيتين التشريعية والعملية، ومن ثم وضع الحلول المناسبة لتقوية نظام الدولة على مواجهة الفساد.
ويعد تقييم نظام النزاهة الوطني أداة قياس مهمة كونه منهجاً متكاملاً لتشخيص الفساد، ويعبّر عن رؤية عملية شاملة لمواجهة الفساد، فهو نظام تقييم شمولي لجميع القضايا والمجالات المتصلة بكل مؤسسات الدولة ويشمل ذلك كلاً من:
• الإطار المؤسسي (كافة الأجهزة والجهات الحكومية).
• الإطار القانوني (كافة التشريعات الوطنية لمكافحة الفساد).
• السياسات العامة (الاستراتيجيات والخطط التنموية).
• بالإضافة الى الإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
ويعمل نظام النزاهة الوطني على توسيع قاعدة المحاسبة الأفقية التي تقوم على مبدأ تعدد مؤسسات الرقابة والمحاسبة التي تحول دون إساءة استعمال السلطة لكي يصبح كل من يشغل منصباً عاماً مسؤولاً بشكل مباشر عن نتائج أعماله، ويخضع للمساءلة، ويتكوّن نظام النزاهة الوطني من ثلاثة مكونات هي:
1- القاعدة: وتمثل الأساس الذي يقوم عليها النظام وهي الوعي العام وقيم المجتمع.
2- الأعمدة: وهي عناصر نظام النزاهة الوطني التي يقوم عليها سطح النظام، وعلى الرغم من الاختلاف بين مجتمع وآخر في نوع الأعمدة التي تمثل أركان البناء في النظام المؤسسي إلى أن هناك عدداً محدداً من الأعمدة المتعارف عليها التي تمثل نموذجا لكل الدول يشمل (13) عموداً، وتمثل أعمدة نظام النزاهة قلب النظام المؤسسي، وهي التي تخضع لعملية التقييم بثلاث فئات هي:
– مؤسسات الحكم الرئيسة: وهي السلطات الثلاث في الدولة: (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية).
– هيئات القطاع الحكومي: تمثل الجهات الحكومية التي لها أدوار أساسية ومهمة في مكافحة الفساد والوقاية منه في الدولة وتشمل: (القطاع العام، أجهزة تنفيذ القانون، وهيئة إدارة الانتخابات، وديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد).
– الأطراف الفاعلة غير الحكومية: وهي الجهات ذات التأثير في نظام الدولة وتشمل: (الأحزاب السياسية، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص).
سطح النزاهة: ويمثل أهداف نظام النزاهة الوطني الذي يشمل ضمان حياة أفضل، وسيادة للقانون، وتنمية مستدامة للمجتمع، إذ يكون ثلاثة قبب تستقر على السطح.
إن الوعي العام وقيم المجتمع تشكل القاعدة الأساسية التي تستقر عليها الأعمدة وتمنحها قوة إضافية وعند غياب الوعي وضعف القيم الصالحة، يكون أساس البناء ضعيفاً وتصبح الأعمدة واهنة وغير قادرة على حمل السطح الذي يمثل النزاهة الوطنية، إن كل عمود من الأعمدة مستقل عن الآخر، وله قوة تختلف عن قوة بقية الأعمدة، وضعف أحد الأعمدة سيزيد الثقل والضغط الواقع على الأعمدة الأخرى، وإذا ضعفت عدة أعمدة يميل السطح وتسقط.